الأحد، 17 مايو 2015

قصة قصيرة القرار الأخير بقلم رشيد شرشاف

قصة قصيرة القرار الأخير بقلم رشيد شرشاف

خط فاصل

المشهد الأول

كنا رجالا ثلاثة، لا نفترق إلا لماما . تجمعنا سلطتا الفقر و النثر، في كوخ يوجد على أحد أطراف البلدة.
لا يهم تحديد الجهة بالضبط،أهي الجهة الشرقية؟أم الغربية؟أم....؟!
المهم أننا كنا نسكن خارج البلدة:يعني كنا مهمشين فكرا وأحلاما وآمالا!
لم يكن لدينا الحق أن نطالب بأي حق،أو أن نقول ها نحن اسمعوا منا نبأ الجوع و التهميش ،
إننا عرفناهما و خبرناهما فأصبحنا علماأخبراأ،نزاول عملنا ليل نهار على الرغم منا ونستدر الألم جهارا.

كنا نجتمع أوقاتا عديدة،نستل الأقلام من جيوبنا الفارغة إلا منها ، ونبسط الأوراق البيضاء على الأرض،
ونتبارى أينا أقدر تعبيرا على تصوير شظف العيش و البؤس ،والبيوت القاتمة اللون،
واللحوم العارية المقشعرة من شدة البرد،الملتحفة بأنجم الليل ، المفترشة الأرض المتربة.
بصراحة كنا نفوز دائما ولا يكون فينا خاسر ،كيف لا ومصير أبطالنا مرآة لليلنا في كل آن؟

المشهد الثاني

لكن دوام الحال من المحال،و إذا شاء الله أن يرزق العباد، يرزقهم من حيث لا يعلمون.
تغيرت الأمور و أصبحنا رجالا ثلاثة لا نجتمع إلا لماما، تربطنا خيوط أوهى من خيوط العنكبوت.
أولنا استلم وظيفة مرموقة بإحدى الشركات الكبرى، و ثانينا هاجر عاملا إلى الخارج،
و ثالثنا تزوج من عجوز غنية ،تمتص منه رحيق الشباب ، و يستدر منها الأموال الطائلة.
نسينا في غمرة الأحداث ماضينا أو تناسيناه. لم نعد نذكر الأيام الباردة.
امتلأت الجيوب بالأموال، وصرنا رجالا ثلاثة، تلهينا الأيام كما تشاء.
عرفنا حلاوة العيش و خبرناها،فأصبحنا متوردي الخدود.
مستدفئين آناء الليل.منتعشين في الصباح..نسينا استلال القلم،و أصبحت عقولنا بيضاء كأوراقنا المهجورة .

المشهد الثالث

في أحد الأيام شاءت الأقدار و الصدف أن نلتقي.كلنا مرآة للآخر.عيوننا ميتة كزجاج أخرس.
قلت:المال يطفئ الحياة بالعيون
قالا بصوت واحد:نعم والقلب إن تشأ تعتريه شجون
قلت: ليس الأمر بيدنا كنا أناسا محرومين
قالا: كذلك نقول ولسنا بلائمين
قلت: يدي ترتعش لا أعرف لها سكونا
قالا: من البرد؟أم من رنين المال؟ أم من الحنين؟
قلت: لا أعرف..حقا لا أعرف
وٱفترقنا على أمل اللقاء.

المشهد الرابع

في ليلة مقمرة،ساقتني قدماي إلى الكوخ القديم.
توقفت عند الباب و الدموع تنهمر من عيني.كل شيء باق كما كان.
لون الجدران القاتم. الأرض المتربة. الرطوبة العفنة.دخلت.وجدت ثلاثتنا بالداخل.

ليست هناك تعليقات: